خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 3 محرم 1445هـ ، الموافق 21 يوليو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م بصيغة word بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م بصيغة pdf بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة.
أولًا: ومِن الهجرةِ كانت الانطلاقةُ.
ثانيــــًا: الأخذُ بالأسبابِ سنةٌ كونيةٌ.
ثالثــــًا: خُذْ بالأسبابِ وفوضْ أمرَكَ إلى مسببِ الأسبابِ.
رابعًا وأخيرًا: قفْ مع نفسِك؟
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 21 يوليو 2023م بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة : كما يلي:
الأخذُ بالأسبابِ في الهجرةِ النبويةِ المشرفةِ. للدكتور محمد حرز
3 من المحرم بتاريخ 1444هـ، الموافق، 21 يوليو 2023م
الحمدُ للهِ الذي خضعَ كلُّ شيءٍ لإرادتِه، وذلَّ كلُّ شيءٍ لعزتِه، وتواضعَ كلُّ شيءٍ لكبريائِه، واستسلمَ كلُّ شيءٍ لقدرتِه، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ﴿( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )﴾التوبة: 40،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، القائلُ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهٌ عنه: (أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ) رواه مسلم.
عَلى رأسِ هذا الكونِ نعلُ محمّدٍ ***عَلَتْ فجميعُ الخلقِ تحتَ ظلالهِ
لَدى الطورِ موسَى نُوديَ اِخلع وأحمدُ***عَلى العرشِ لم يؤذنْ بخلعِ نعالهِ
فوقَ البساطِ دنَا ونُودي باسمهِ **دُس يا محمدٌ لا تخفْ إرعابَا
أنت الحبيبُ ومَن يطعكَ أطاعنِي**يا أكرمَ الخلق جميعًا خطابَا
فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102).
عبادَ الله: (الأخذُ بالأسبابِ في الهجرةِ النبويةِ المشرفةِ) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.
عناصر اللقاء:
أولًا: ومِن الهجرةِ كانت الانطلاقةُ.
ثانيــــًا: الأخذُ بالأسبابِ سنةٌ كونيةٌ.
ثالثــــًا: خُذْ بالأسبابِ وفوضْ أمرَكَ إلى مسببِ الأسبابِ.
رابعًا وأخيرًا: قفْ مع نفسِك؟
أيُّها السادة: ما أحوجنَا إلى أنْ يكونَ حديثُنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ عن الأخذِ بالأسبابِ في الهجرةِ النبويةِ المشرفةِ ،وخاصةً والأمةُ الإسلاميةُ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها تحتفلُ بذكرى هجرةِ المصطفَى العدنانِ ﷺ، وخاصةً والأخذُ بالأسبابِ مطلبٌ شرعيٌّ وواجبٌ ووطنيٌّ في جميعِ شؤونِ حياتِنا لننعمَ في الدنيا ولنسعدَ في الآخرةِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة
أولًا: ومِن الهجرةِ كانت الانطلاقةُ.
أيُّها السادةُ: إنَّ هجرةَ المصطفَى ﷺ لا ينبغِي أنْ تكونَ ماضيًا أبدًا، أو لمجردِ القصةِ، أو التسليةِ، أو لمجردِ الإعجابِ الباهتِ الباردِ، أو لمجردِ كان يا ما كان في سالفِ الأيامِ على عهدِ النبيِ المختارِ، بل ينبغِي أنْ نحولَ سيرتَهُ ﷺ إلى منهجِ حياةٍ وإلى واقعٍ نحياهُ ونربِّي عليه أولادَنَا وبناتِنَا، بل ونحولُهَا إلى شعلةٍ توقدُ شموسَ الحياةِ ودماءٍ تتدفقُ في عروقِ الأجيالِ والمستقبل. وكيف لا ؟ واللهُ جلَّ وعلا لم يبعثْ محمدًا ﷺ إلَّا ليكونَ قدوةً متجددةً على مرِّ الأجيالِ والقرونِ ، وإلَّا ليكونَ مثلًا أعلَى لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، فهو أسوتُنَا و قدوتُنَا ومعلمُنَا ومرشدُنَا بنصٍّ مِن عندِ اللهِ جلَّ وعلا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) (سورة الأحزاب: 21)، فلقد كانتْ هجرةُ النبيِّ ﷺ دَحْرًا للفسادِ في العقائدِ، والضلالِ في الأفكارِ، كما كانتْ فتحًا جديدًا في تاريخِ الإنسانيَّةِ، ونصْرًا مُؤَزَّرًا، والهجرةُ كلُّها دروسٌ وعبرٌ. وكيف لا ؟ ولقد جمعَ اللهُ في شخصِ المصطفَى القدرةَ الحيةَ الكاملةَ للمنهجِ التربويِّ الإسلاميِّ على مدارِ التاريخِ كلِّهِ، فهو رسولُ اللهِ يتلقَّى الوحىَ مِن اللهِ جلَّ وعلا ليربطَ الأرضَ بالسماءِ بأعظم رباطٍ وأشرف صلةٍ. * وهو رجلُ السياسةِ الأول غَيَّرَ مجرَى التاريخِ في فترةٍ لا تُساوى في حسابِ الزمنِ شيئًا . * وهو رجلُ حربٍ يضعُ الخططَ ، ويقودُ الجيوشَ كقائدٍ متخصصٍ في ميدانِ القتالِ فكان إذا صمتتْ الألسنةُ وبلغتْ القلوبُ الحناجرَ وقفَ في الميدانِ وقفةَ الأبطالِ يُنادِى بأعلَى صوتِهِ: « أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ »* وهو أبٌ ، وزوجٌ ، وربُّ أسرةٍ كبيرةٍ تحتاجُ كثيرًا مِن النفقاتِ فقامَ بهذا الدورِ على أكمل وجهٍ شهدتهُ الأرضُ وعرفهُ التاريخُ. * وهو عابدٌ خاشعٌ خاضعٌ لربِّهِ كأنَّهُ ما خُلِقَ إلّا للعبادةِ وكأنَّهُ قد تفرغَ لها ومع هذا كلِّه فهو قائمٌ على أعظم دعوةٍ ، أخذتْ عقلَهُ وفكرَهُ وروحَهُ وعرقَهُ ودمَهُ، كلُّ هذه العظمات، كلُّ هذه الطاقات، وكلُّ هذه الشخصياتِ المتفرقةِ تجمعتْ في شخصيةِ المصطفَى صلَّى اللهُ عليه وسلم * أفلَا يستحقُّ وبجدارةٍ أنْ يكونَ هو القدوةُ الطيبةُ والمثلُ الأعلى، وكيف لا ؟: والهجرةُ حدثٌ تاريخِيٌّ عظيمٌ ,لا ينبغي أنْ يمرَّ علينا مرورَ الكرامِ ,حَادِثٌ نَصَرَ اللهُ بِهِ الدِّينَ، حَدَثٌ أعلَى اللهُ بِهِ كَلِمتَهُ، حَدَثٌ غَيَّرَ وَجْهَ الْكَوْنِ؛ حَدَثٌ قَامَتْ بِهِ دَوْلَةُ المُسلِمينَ، وَسَقَطَتْ بِهِ عُرُوشُ الظَّالِمِينَ.. حَادِثُ هِجرَةِ الحَبِيبِ المُصطفَى صلَّى اللهُ عليه وسلم، فلقد هاجرَ نبيُّنَا ﷺ مِن مكةَ المكرمةِ إلى المدينةِ النبويةِ التي أنارتْ واستنارتْ بقدومِ المصطفَى صلَّى اللهُ عليه وسلم بعدَ أنْ لاقَي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم مِن الأذَى والضيقِ والبلاءِ ما لا تتحملُهُ الجبالُ الرواسي، وفقدَ النصيرَ العزيزَ مِن أهلهِ وأقربائِهِ كأبِي طالبٍ وخديجةَ بنتِ خُويلدٍ رضى اللهُ عنها وأرضاهَا ، وأمرَهُ اللهُ جلَّ وعلا حينئذٍ بالصبرِ والهجرةِ إلى يثرب، فقال مخاطبًا إياهُ: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ …))(الأحقاف:35)،فلقد تآمرَ المشركون على رسولِ الإسلامِ ﷺ، وقررُوا أنْ يفتكُوا بهِ ويقتلُوه لكنَّ اللهَ نجَّاهُ وحماهُ وأيدَهُ ونصرَهُ فقال جلَّ وعلا ((وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) [يس:9]، وهنا أيدَ اللهُ رسولَ الكريمِ بالمعجزاتِ الباهراتِ، والآياتِ البيناتِ، لتدلَّ على نبوتهِ ورسالتهِ، منها ما حصلَ لسُرَاقةَ بنِ مالكٍ حينمَا أرادَ أنْ يؤذِي رسولَ اللهِ ﷺ فساختْ قوائمُ الفرسِ في الأرضِ ونجَّا اللهُ نبيَّهُ مِن أذَى قريشٍ بعدَ أنْ رصدتْ جائزةً لمَن يأتِي برسولِ اللهِ ﷺ. فعادَ سراقةُ قائلًا لأبِى جهلٍ:
أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا *** لأَمْرِ جَوَادِيَ إِذْ تَسُوخُ قَوَائِمُهُ
عَلِمْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا*** رَسُولٌ بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُقَاوِمُهُ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة
ثانيــــًا: الأخذٌ بالأسبابِ سنةٌ كونيةٌ.
أيُّها السادة : مِن السُّننِ الرَّبانيَّةِ الَّتي تعاملَ بها النَّبيُّ ﷺ في حياتِه بصفةٍ عامةٍ وفي هجرتِه بصفةٍ خاصةٍ سنَّةُ الأخذِ بالأسبابِ، والأخذُ بالأسبابِ سنةٌ كونيةٌ وشرعيةٌ، فاللهُ جلّ وعلا أوجدَ الأشياءَ وهيءَ لها أسبابَها فمَن أخذَ بالأسبابِ مكنَهُ اللهُ تعالى، قالَ جلّ وعلا ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84، 85]وإذا أرادَ أمرًا سبحانَه هيأَ له الأسبابَ وأزالَ الموانعَ سبحانه.
وها هو نبيُّ الاسلامِ ﷺ يضربُ لنا أروعَ الأمثلةِ في هجرتِه المباركَةِ بالأخذِ بالأسبابِ مع الاعتمادِ على مسببِ الأسبابِ وهو اللهُ جلّ وعلا ,فبعدَ فِرارِ الصحابةِ الأخيارِ بدينِهم وتركُوا ديارَهُم وأموالَهُم لإعلاءِ كلمةِ التوحيدِ في مدينةِ سيدِ الرجالِ ﷺ، حينهَا عقدتْ قريشٌ أخطرَ اجتماعٍ لها في التاريخِ كلِّه في دارِ الندوةِ بحضورِ الشيطانِ الرجيمِ في صورةِ شيخٍ مِن نجدٍ لإصدارِ قرارٍ بالإجماعِ للقضاءِ على نبيِّ الإسلامِ ,للقضاءِ على حاملِ لواءِ الدعوةِ إلى اللهِ، للقضاءِ على نورِ الهدايةِ المحمديةِ فكان القرارُ كما قال أبو جهلٍ: أرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَتًى شَابَّا جَلِيدًا نَسِيبًا وَسِيطًا فِينَا، ثمَّ نُعْطِي كُلَّ فَتًى مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا، ثمَّ يَعْمِدُوا إلَيْهِ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَقْتُلُوهُ فَنَسْتَرِيحُ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُمْ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ جميعًا، فَلَمْ يَقْدِرْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ جميعًا، فَرَضُوا مِنَّا بِالْعَقْلِ أي الدية فَعَقَلْنَاهُ لَهُمْ. فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: الْقَوْلُ مَا قَالَ الرَّجُلُ، هَذَا الرَّأْيُ الَّذِي لاَ رَأْيَ غَيْرَهُ، وهنا تعلنُ السماءُ حالةَ الطوارئِ ليهبطَ أمينُ السماءِ جبريلُ ليخبرَ النبيَّ الأمينَ بما دارَ في الاجتماعِ وليخبرَهُ بأمرِ الهجرةِ بقرآنٍ يُتلَى إلى يومِ الدينِ، ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ سورة الأنفال:30، وعلمَ النبيُّ ﷺ بهذا الاجتماعِ الخطيرِ، فماذا صنعَ المصطفَى ﷺ؟ بدأَ في التخطيطِ الدقيقِ، والتنظيمِ المحكمِ فيضعُ النبيُّ ﷺ خُطةَ الهجرةِ بمنتهَى الدقةِ والحكمةِ فأخذَ بالأسبابِ.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: أذنَ لسائرِ المؤمنين بالهجرةِ، وأمرَ أنْ يبقَى أبو بكرٍ وعليٌّ رضى اللهُ عنهما.
* ويختارُ النبيُّ ﷺ الصاحبَ والصديقَ فكلمَا أرادَ أبو بكرٍ الخروجَ يقولُ: له لا تَعْجلْ يا أبا بكرٍ لعلَّ اللهَ يجعلُ لك صاحبًا، فيَطمعُ أبو بكرٍ أنْ يكونَ رسولُ اللهِ صاحبَه في الهِجرةِ فيذهبُ إليه النبيُّ ﷺ في وقتٍ كان لا يذهبُ إليه فيه وهو وقتُ الظهيرةِ ويخبرُه بالهجرةِ، فقال: إنّ اللهَ قدْ أذِنَ لِي في الخروجِ والهِجرةِ»، قالت: فقال أبو بكرٍ: الصُّحبةَ يا رسولَ اللهِ، قال: «الصحبةَ))
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: يأتي المصطفَى ﷺ بعلىٍّ بنِ أبي طالبٍ رضى اللهُ عنه لينامَ علَى فراشِه ذلكم الفدائِيِّ العظيمِ الذي علَّمَ الدنيا حقيقةَ التضحيةِ، وشرفَ البطولةِ، وعظمةَ الفداءِ، ويلتفَّ ببردِه الشريفِ حتى يضللَ القومَ بأنّ مُحمدًا ﷺ لا يزالُ نائمًا.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: يخرجُ النبيُّ ﷺ ليلًا، ويتجَه جنوبًا ناحيةَ اليمنِ مع أنّ المدينةَ المنورةَ تقعُ ناحيةَ الشمالِ ليضللَ المطاردين، وهذا مِن المكرِ في الأخذِ بالأسبابِ.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: أنّ الأمرَ يحتاجُ إلى دابةٍ قويةٍ، فيجئُ الصديقُ براحلتينِ قويتينِ ويقومُ على أمرِهِمَا.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: الطريقُ يحتاجُ إلى رجلٍ خبيرٍ لا يعرفُ الطرقَ الممهدةَ فقط بل يعرفُ الطرقَ الجانبيةَ والفرعيةَ التي يمكنُ أنْ تُسلكَ ليتمكنُوا مِن الفرارِ مِن المطاردِين فجاءَ بعَبْدِ اللّهِ بْنِ أُرَيْقِطٍ اللّيْثِي دليلَ الهجرةِ، الأمينِ وخبيرِ الصحراءِ البصيرِ، ليدلَهُما على الطريقِ، وكان مشركًا بعدما تيقّنَ النبيُّ ﷺ مِن أمانتِه.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: لن تهدأَ قريشٌ في الأيامِ الثلاثةِ الأولى – لا في الليلِ ولا في النهارِ – عن البحثِ عن النبيِّ ﷺ وصاحبِه. إذن فلا بدَّ مِن الاختفاءِ في الغارِ في هذه الأيامِ، فيمكثُ ثلاثةَ أيامٍ حتى تهدَا نارُ الطلبِ، وكيف تُعرَفُ الأخبارُ ؟ّ والخططُ التي تدبرُهَا قريشٌ؟!
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: يأتي النبيُّ ﷺ بعبدِ اللهِ بنِ أبِي بكرِ لينقلَ كلَّ ما سمعَ مِن أخبارٍ، وقبلَ الفجرِ يكونُ في مكةَ كأنّه باتَ فيها.
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: كيف التغلبُ على آثارِ الأقدامِ على الرمالِ، وأهلُ مكةَ يجيدونَ معرفةَ الآثارِ؟!و يأتِي النبيُّ ﷺ بعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ مولَى أبي بكرٍ الصديق رضى اللهُ عنه ليرعَى الأغنامَ فتمحُو الآثار، ويحلبُ لهما اللبنَ، ويقدمُ لهما الطعام .
ومِن الأخذِ بالأسبابِ: يأتِي بأسماءَ ذاتِ النطاقين حاملةً التموينَ مِن مكةَ إلى الغارِ، وسطَ جنونِ المشركين بحثًا عن مُحمدٍ ﷺ ليقتلُوه.
*حيطةٌ بالغةٌ ودقةٌ محكمةٌ لم يعرفْ تاريخُ البشريةِ لها مثيلًا وهذا هو المعنى الحقيقِي للتوكلِ على اللهِ سبحانهِ وتفويضِ الأمرِ إليهِ سبحانَهُ والأخذِ بالأسبابِ المشروعةِ مع عدمِ الاعتمادِ عليها إنَّما الاعتمادُ على مسببِ الأسبابِ وهو اللهُ جلَّ وعلا، فلقد أخذَ النبيُّ ﷺ بجميعِ الأسبابِ المشروعةِ للهجرةِ ولما انقطعتْ الأسبابُ تعلقَ بمسببِ الأسبابِ فنجَّاهُ اللهُ وصاحبَهُ مِن الهلاكِ عندما كان في الغارِ وجاءَ أبو جهلٍ والقومُ معهُ ووقفُوا أمامَ بابِ الغارِ, وهنا دارَ حوارٌ هامسٌ خفيٌّ بينَ الصدِّيقِ الخائفِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم أكثرَ مِن خوفهِ على نفسهِ، يا رسولَ اللهِ لو أنَّ أحدُهُم نظرَ إلى قدميهِ لرآنَا, فيردُّ عليه الحبيبُ ﷺ بلغةٍ يحدوهَا الأمل.. ، وبقلبٍ يملأهُ اليقين. « يا أبَا بكرٍ ما ظنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثهُمَا » يا أبا بكرٍ « لا تحزنْ إنَّ اللهَ معنَا» رواه البخاري. اللهُ أكبرُ فو اللهِ ثمَّ واللهِ لو جمعَ أبو جهلٍ الأحياءَ كلَّهُم بل إنْ شئتَ وأخرجَ الأمواتَ مِن قبورِهِم يسحبونَ أكفانَهُم خلفَ أبِي جهلٍ يقلبونَ معه حجارةَ الأرضِ، ويزحزحونَ الجبالَ عن أماكنِهَا .، وينقبونَ في الرمالِ، ما وصلُوا إلي اثنينِ اللهُ ثالثهُمَا (إلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) سورة التوبة،ولله در شوقي
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم***كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما***وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
وأيُّ معيّةٍ تعدِلُ معيةَ اللهِ ؟ إنّها الحِصنُ الحَصينُ مِن كُلِّ الغوائِلِ، والعدّةُ في كلِّ شدةٍ، والدّرعُ الواقِي مِن سهامِ البوائِقِ والشّرورِ، لكنَّ هذه المعيّةَ الخاصّةَ التي تكونُ بالتّأييدِ والتّوفيقِ والحِفظِ والمعونةِ والنّصرِ إنَّما جعلَهَا اللهُ تعالى لأوليائِهِ المتّقين المحسِنين. فمَن توكلَ عليهِ كفاهُ، ومَن فوضَ إليهِ الأمرَ هداهُ، ومَن سألَهُ أعطاهُ، ومَن وثقَ في اللهِ نجَّاهُ، ومَن صفَا مع اللهِ صافاهُ، و مَن أوى إلى اللهِ أواهُ، و مَن فوّضَ أمرهُ إلى اللهِ كفاهُ، و مَن باعَ نفسَهُ إلى اللهِ اشتراهُ، و جعلَ ثمنَهُ جنّـتَهُ)) * إنّه الأخذُ بالأسبابِ يا سادة، فما أحوجنَا إلى التخطيطِ والأخذِ بالأسبابِ في كلِّ مجالاتِ حياتِنَا، اقتداءً برسولِنَا ﷺ .
لذا قال سهلُ بنُ عبدِ اللهِ التسترِي: مَن طعنَ في الأسبابِ فقد طعنَ في السنةِ، ومَن طعنَ في التوكلِ فقد طعنَ في الإيمانِ. فالتوكلُ على اللهِ هو الأخذُ بالأسبابِ المشروعةِ مع عدمِ الاعتمادِ عليها، إنّما الاعتمادُ يكونُ علي مسببِ الأسبابِ هو اللهُ تباركَ وتعالي، فمَن تركَ الأخذَ بالأسبابِ واعتمدَ علي اللهِ فليس بمتوكلٍ أنّما هو متواكلٌ، ومَن أخذَ بالأسبابِ وتركَ الاعتمادَ علي اللهِ فهذا مشركٌ والعياذُ باللهِ . قالَ بعضُ السلفِ ((تعلقُ القلبِ بالأسبابِ قدحٌ في التوحيدِ، وإلغاءُ الأسبابِ قدحٌ في العقلِ والشرعِ”.
فإذا كان الإنسانُ مريضًا فلا يجلس في بيتِه ينتظرُ الشفاءَ، ويقولُ الشفاءَ مِن عندِ اللهِ، نعم الشفاءُ مِن عندِ اللهِ ولكن يجبُ عليكَ أنْ تأخذَ بالأسبابِ وتتداوَي لأنَّ النبيَّ المختارَ ﷺ قال: (تَدَاوَوْا عبادَ اللهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ وهو الْهَرَمُ)، فإذا ذهبتَ إلي الطبيبِ فكنْ علي يقينٍ جازمٍ أنّ الشافِي هو اللهُ، والطبيبَ ما هو إلّا مجردُ سببٍ مِن الأسبابِ، فالضرُّ والنفعُ بيدِ اللهِ والمعطِي المانعُ هو اللهُ والمهلكُ المنجّي هو اللهُ، قال ربُّنَا (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [سورة يونس (107)]
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة
ثالثــــًا: خذْ بالأسبابِ وفوضْ أمرَكَ إلى مسببِ الأسبابِ.
أيُّها السادة: التوكلُ على اللهِ جلّ وعلا لا يتنافَى مع الأخذِ بالأسبابِ لذا أمرَنَا اللهُ جلّ وعلا بالأخذِ بالأسبابِ، قال جلّ وعلا:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ) (النساء: 71)، وقال جلّ وعلا: ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: 60)، وقال جلّ وعلا: ( فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) (الجمعة: 10).
وهذا رجلٌ جاءَ إلي المصطفَي ﷺ وقال يا رسولَ اللهِ لي ناقةٌ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ قَالَ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ)، فخذْ بالأسبابِ وتوكلْ على اللهِ جلّ وعلا كمريمَ عليها السلامُ عندما أمرَها اللهُ أنْ تهزَّ الجذعَ ليتساقطَ منه الرطب، وكان بقدرتِه أنْ يأمرَ الجذعَ فيتساقطُ منه الرطب، لكنّ اللهَ أرادَ أنْ يعلمَها كيفيةَ الأخذِ بالأسبابِ وتركِ الأمرِ إلي مسببِ الأسبابِ وهو اللهُ تبارك وتعالي، وللهِ درُّ القائل:
توكلْ علي الرحمنِ في الأمرِ كلِّه***ولا ترغبنْ يومًا عن الطلبِ
ألم ترَ أنّ اللهَ قال لمريمٍ *** وهزِّ إليكِ الجذعَ يُساقطُ الرطب
ولو شاءَ أنْ تجنيهِ مِن غيرِ هزةٍ*** جنتهُ ولكن كلُّ شيءٍ له سبب
خذْ- بالأسبابِ المشروعةٍ خاصةً في قضيةِ الرزقِ وفوضْ أمرَكَ إلى مسببِ الأسبابِ، فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) الترمذي وابن ماجه). وهذا هو الصحابِيُّ الجليلُ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضي اللهُ عنه حينما قدمَ المدينةَ مهاجرًا: آخَى رسولُ اللهِ ﷺ بينَه وبينَ سعدِ بنِ الربيعِ الأنصارِي رضي اللهُ عنه.
فعرضَ عليه سعدُ: أنْ يعطيَهُ نصفَ مالِه، وكان مِن أكثرِ الأنصارِ مالًا.
وأنْ يطلقَ إحدَى زوجتيهِ فيزوجهَا لعبدِ الرحمنِ، فقالَ له: باركَ اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ ولكنْ دلنِي على السوقِ فدلَّه. أخذًا بالأسبابِ في قضيةِ الرزقِ لكنَّه فوضَ الأمرَ إلى مسببِ الأسبابِ ،لكنْ كُنْ على يقينٍ.
لا تعجلنَّ فليسَ الرزقُ في العجلِ **** الرزقُ في اللوحِ مكتوبٌ مع الأجلِ
فلو صبرَنَا لكانَ الرزقُ يطلبُنَا **** ولكنْ خلقَ الإنسانُ مِن عجـــــــــــــلِ
فكنْ متوكلًا علي اللهِ بقلبِك ولسانِك ولا تعتمد علي جاهِكَ أو عقلِكَ أو سلطانِكَ وإنّما توكلْ علي اللهِ( فمَن اعتمدَ علي مالِه قلـْ ، ومَن اعتمدَ على عقلِه ضل، ومَن اعتمدَ علي جاهِه ذل، ومَن اعتمدَ علي اللهِ فلا قلَّ ولا ضلَّ ولا ذل.
أخي لا تدبر لكَ أمرًا فأولُوا التدبيرِ هلك **** سلمْ الأمرَ تجدنَا أقربَ إليك منك.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية …الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. وبعد
العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة
رابعًا وأخيرًا: قفْ مع نفسِك؟
أيُّها الحبيبُ: قفْ مع نفسِكَ لحظاتٍ، عامٌ هجريٌّ انتهي قربَكَ إلى بابِ القبرِ عامًا ،وباعدَكَ عن الدنيا عامًا !!!لقد مضَى عامٌ مِن عمرِك ، فقربَكَ إلى اللهِ عامًا، وأبعدَكَ عن الدنيا عامًا.
فهل تأملتَ وتدبرتَ هذا ؟ وهل سألتَ نفسَك ما الأعمالُ الحسنةُ التي فعلتهَا لتداوم على فعلِهَا، وما الأعمالُ السيئةُ التي ارتكبتهَا لتندمَ على فعلِهَا ولتعزمَ على أنْ لا تعودَ إليها، لعلّ هذا يكونُ آخرَ عامٍ لي ولك، وسلْ نفسَكَ متى تهاجرُ إنْ لم تهاجرْ الآن؟! متى تتركُ المعصيةَ إنْ لم تتركْهَا الآن؟! متى سيرقُّ قلبُكَ إنْ لم يرقْ قلبُكَ الآن؟! متى ستدمعُ عينيكَ إنْ لم تدمعْ الآن؟! عدْ إلى اللهِ –جلَّ وعلا- .. هاجرْ مِن المعاصِي إلى الطاعاتِ .. هاجرْ حيثُ الرضَا إلى مرضاتِ اللهِ –جلّ وعلا- .. إلى مرضاتِ الرسولِ ﷺ. وصدقَ المصطفَي ﷺ إذ يقولُ كما في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : “وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ” رواه البخاري.
فهيَّا بنَا نهجرُ الذنوبَ والمعاصي نهجرُ الشهواتِ والشبهاتِ نهجرُ الحقدَ والبغضاءَ والحسدَ، لنهاجرَ إلى الألفةِ والمحبةِ والتعاونِ والمؤاخاةِ، وإلى صلةِ الأرحامِ، وغيرِ ذلك مِن الأعمالِ الصالحةِ، فحاسبْ نفسَك قبلَ فواتِ الأوانِ وقلْ لنفسِكَ:
يا نفسُ لا تتكبرِي *** فسيأتِي يومًا وترحلِي
إنْ طالَ أو قصرَ الزمانُ *** فعلى الأعناقِ ستحملِي
ستزورِي بيتَ الدودِ حتمًا ***وفى الترابِ ستدفنِي
يا نفسُ عودِي للعهدِ *** وتفكرِي وتعقلِي
وبهديِ مُحمدٍ اقتدِي *** وللهِ وحدَهُ فانحنِي
اللهُ غافرُ كلِّ ذنبٍ *** ومِن رحمتِه لا تسأمِي
يا نفسُ قد أزفَ الرحيلُ ***فبالصالحاتِ تجملِي
يا نفسُ لا تتكبرِي *** العمرُ فانٍ فافهمِي
أقدارُنَا كتبتْ لنَا *** وعلى البلاءِ فاصبرِي
يا نفسُ لا تتكبرِي *** الكلُّ فانٍ فتعقلِي
فتُبْ إلى ربِّكَ و اندمْ على ما فعلت، فاللهُ كريمٌ يقبلُ توبةَ التائبين، ويغفرُ ذنوبَ المستغفرين .. ويمحو سيئاتِ النادمين (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (سورة الزمر : 53) فهل مِن تائبٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟!!! آهٍ فربُّ شروقٍ بلا غروبٍ، وربَّ ليلٍ بلا نهارٍ، وكم مِن رجلٍ كان مِن أهلِ الدنيا وأصبحَ مِن أهلِ الآخرةِ، وكم مِن مزمارٍ في بيتٍ أصبحَ فيه الصراخُ، وكم مِن رجلٍ كان يقسمُ ميراثًا لأبيهِ وفي الصباحِ لحقَ بهِ وراح.
ما في الحياةِ بقاءٌ *** ما في الحياةِ ثبوتُ
نبنِي البيوتَ وحتمًا *** تنهارُ تلكَ البيوتُ
تموتُ كلُّ البرايَا *** سبحانَ مَن لا يموتُ
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف